لا شكَّ أن تربية الأطفال بعد الطلاق تتطلب فهمٍ واعٍ، وبيئة سوية، واجبة الإتاحة على كلٍّ من الأب والأم؛ إذ تظل مسئولية الأبناء موكولة للأبوين معًا.

تربية الأطفال بعد الطلاق

لا شكَّ أن كل طفلٍ يستحق بيئة سوية مستقرة، تجمع بين أمه، وأبيه، إلا أن شبح الانفصال يظل مطاردًا لحياة كثيرٍ من الأسر؛ نتيجة الاختيار الخاطئ تارة، عدم التفاهم وتفاقم المشكلات تارةً أخرى.

لكن هل يطلق الآباء أبناءهم مع زوجاتهم؟ سؤال يستحق إعادة النظر فيما تؤول إليه أحوال كثيرٍ من الأسر خلال الفترة الراهنة.

من وجهة نظرٍ موضوعية فإن الانفصال ليس فكرةً شنيعة كما يعده البعض، بل هو حلالٌ إذا ما استحالت العشرة بين الزوجين.

لكن ما ذنب الأبناء؟! إنهم سيظلون أبناءكم مهما طال المسير، أو قصر، فطالما لم توفقا في حياةٍ مستقرة، وبيئة واحدة تجمعكم.

فالأحرى أن يكنُّ بعضكم لبعضٍ الاحترام؛ نظير العشرة التي جمعت بينكما ذات يومٍ، وماء الوجه الذي طال مدح كلاكما للآخر في ظله.

فتربية الأبناء واجبكما معًا، ولا ذنب لهم فيما آلت إليه أموركما، ولعل المقصر في حقوق أبنائه سيظل حق ابنه حبلٌ يلتف حول رقبته في الدنيا وفي الآخرة.

يروق إلي الاتفاق بين الزوجين في فكرة الانفصال، ودراستها معًا سويًّا، ووضع أبنائهم نصب أعينهم، وجعل مصلحتهم فوق كل شيء.

لكن الواقع كثيرًا ما يكون شيئًا آخر، مغاير تمامًا لما هو واجب، فكثيرًا ما تجد طرفًا يحاول بشتى الطرق أن يلمح لشريكه، ويفهمه المسئولية الموكولة على كليهما، وألا ينسى أبناءه مهما كان، وأن يخرجا بالمعروف والإحسان.

لكن تضيع تلك الاتفاقات هباءً منثورًا، فمن لا يفكر في أمر أبنائه، ولم يعرهم اهتمامًا، سيركز جهوده في سبيل إنقاص كفة الطرف الآخر، دونما وجه حق.

بل ويترك الصراع على أهبه لأهله وأقربائه، فنفاجأ بتصويب تلفيقاتٍ شنيعة، لا أساس لها، وكأنه أضحى صراعًا على أشده.

إقرأ أيضًا: صفات في الرجل تزعج المرأة وتبدد مشاعر الحب

ضياع الأطفال بعد الطلاق

وعليه، قد يميل الطرف الآخر لتبادل الإساءة، وقد تجد القليلين يفضلون الصمت، ومشاهدة ما يلاقيه من أذى لفظي وفعلي، وتعتريه الخيبة دونما أن يحرك ساكنًا، حفظًا لماء الوجه، وترك مآل الأمور لرب العالمين، والحفاظ على أطفالٍ لا ذنب لهم، سوى اختيار يعتريه أخطاء فادحة، تتأكد يومًا عقب يومٍ.

لكن، أيها الآباء إن لأبنائكم عليكم حق، فإن غُضَّ الطرف عنه في الدنيا، فهل ستفر منه يوم تلقى رب العباد؟ محال!

لا تنسوا تربية الأطفال بعد الطلاق مسئولية مشتركة، وستحاسبان عليها أمام الله – جل علاه -.

وحسب ما هو شائع، فإن الصغار تكون مع الأم، فنرى كما هو سائد، أطفالٍ طلقوا مع أمهاتهم! ما يهدد نفسية الطفل بالفشل، ويجعل مسئولية تربيتهم تقع على كاهل الأم، التي أصبحت أمًا وأبًا، وأما الأب فميتٌ هو على قيد الحياة.

ماذا تنتظر من أبٍّ كهذا؟ شبه رجلٍ، لم يكن مسئولًا قط، ولن يراعي أي شيءٍ، أب كل همه أن ينشب الصراع على أهبه تجاه شريكته التي انفصل عنها، فيقع الأطفال ضحية!

وعليه، لا تجد الأم بدًّا من اللجوء للقضاء؛ لما لاقته من إهانات لاذعة من قبل الزوج وأهله، على الرغم من أنها لديها الكثير مما قد تصوبه في المقابل، إلا أن تلجأ للقضاء؛ لتلاشي أن يجمعها بهم موقف واحد؛ ولأنها رأت أن الاحترام في العلاقة غير مجدٍ، وأن الأب لم يكن مسئولًا وهي على ذمته، ولم يكن الاحترام آن الانفصال!

مسئولية الأبناء المادية فرضت على الآباء؛ لما كانت لهم القوامة، وليست على الأمهات، فلا تنس أنك مسئول مسئولية كاملة عما يخص ماديات أطفالك التي لا حد لها، ولا شك أننا نجد الكثيرات ممن يلجأن للقضاء، حتى وإن لم تكفهم النفقة، فيكفي أنهم لن يمدوا أيديهم لأشباه الرجال الذين تخلوا عن دورهم.

كيف أربي أولادي بعد الطلاق؟

طالما أننا لم نوفق في تنشئة الطفل في بيئة سوية تجمع بين أبوين متفاهمين، فالأحرى أن نوفر إليه بيئة مبنية على الاحترام، والسواء النفسي؛ من أجل تربية أقوم، مفعمة بالدعم النفسي؛ لتفادي الإضرار بهم نفسيًّا، ومعنويًّا.

افصلا بين ما تمران به من مشكلات الانفصال، وبين تربية أبنائكم، فيكفي على الطفل تقبل فكرة الانفصال، التي يصعب إدراكها بسهولة.

فتجد كثيرًا من الضغوطات النفسية تعتري طريقه كلما هم به، وعليه، يجدر تعزيز الاهتمام، والاحتواء العاطفي له.

  • حاولا احترام بعضكما البعض من أجل تربية أبنائكم تربية سوية.
  • لا للشحناء، والطاقة السلبية ضد بعضكما، التي يوجهها الطرفان للطفل، فأنتما أبواه، ولا مفر.
  • حاولا معًا توفير بيئة يسودها الهدوء، الاحترام، السعادة، الاحتواء، دعكم من الشحناء، فمصلحة أبنائكم فوق الجميع، ومن يخشى على مصلحتهم حقًّا لن يدفعك لإيذائهم مهما كان، بل سيحثك على رعايتهم حق الرعاية، وتوفير سبل الراحة، وما يحتاجون إليه، مهما كلفك الأمر.
  • العلاقة الودية بين الأبوين لها أسمى دور في سواء الطفل.
  • محاولة تلبية احتياجات الطفل بوعيٍ تام، من دون إفراطٍ، ولا تفريط.

تربية الأطفال في حالة الطلاق

  • كونا حذرين بشأن التعامل أمام الأطفال، وعليكما احتواء مشاعره السلبية التي تنتابه بين الفينة والأخرى.
  • مستقبل أبنائكما هو الأهم، كرسا جهودكما في سبيل توفير مستقبلٍ مفعم بالأمل، يعوضه نسبيًّا عن فجعة الانفصال، وفقد الأجواء الأسرية.
  • تلاشي الصراعات، يحيل بين شعور الأطفال بشبح التوتر، الذي يلاحقهم أنى كانوا.
  • على الأب دور كبير في المشاركة الإيجابية بشأن تربية الطفل، وإن تخلى عن دوره، فلا بد من تعزيز الدعم البناء من قبل الأم؛ لتعويض الفاقد قدر المستطاع، وبما يضمن استقرار الأبناء.
  • الدعم العاطفي للطفل، ومشاركته الحياة اليومية وفق منهجية راسخة، ومعايير ثابتة من القيم والمبادئ الموجهة إليه له أسمى دور في سوائه، ونجاحه الاجتماعي والدراسي.
  • متابعة الأطفال في دراستهم، وتكثيف الجهود في تأسيسهم جيدًا.
  • تنمية سلوكياتهم، أقوالهم، أفعالهم، بما يلائم الشريعة الإسلامية، والعرف السائد.
  • مشاركة الطفل يومياتهم بالتوجيه تارةً، وبالعطف والحب تارة، وما عداه من إرشادهم، التحدث معهم.
  • كن صديقًا لابنك، ورفيقًا يثق به، ويحكي إليه، ويشاوره، ويأخذ بنصيحته، كن ملجأ له، لا تكن عليه.
  • محاولة الوصول إلى الانضباط التربوي، النفسي، الاجتماعي، إلى أوجه.
  • الحذر من تعريض الطفل للإرشادات المتناقضة، كأن ترشده الأم لسلوكٍ ما، وينهاه عنه الأب، والعكس.
  • محاولة تقريب فكر الأبوين والاتفاق على المسموح والممنوع في التربية؛ لتفادي التناقض التربوي.
  • احترام سلطة الطرف الآخر، دون التهاون أو الحط منه أو من دوره.
  • أشعر أبناءك بالاحتواء، الحب، الاطمئنان، بجرعاتٍ معززة، تضمن تعويض الفاقد، من دون تهاون في التربية وضبط السلوكيات القويمة.
  • احترام خصوصية الأبناء ورغباتهم وطموحاتهم.
  • الاهتمام بأدق التفاصيل للطفل، والاهتمام بها أيما اهتمام.
  • تعزيز لغة الحوار والمشاركة البناءة، التي تهدف لتربية الطفل تربية سوية مستقرة.

إقرأ أيضًا: كيف يجب أن تكون حياة المرأة بعد الطلاق؟

تناولنا خلال هذا الموضوع تربية الأطفال بعد الطلاق التي لا بد أن تبنى على الاحترام، والمبادئ القويمة، ولا داعي للخوف، فتربية أطفالكم في بيئة مستقرة هادئة، أنجح بكثير من تربيتهم في بيئة مشتركة مفككة، مفعمة بالانحطاط، والإهانة، وعدم السواء.

شـاهد أيضًا..

كيف أعامل زوجي بعد الطلاق ؟