تعد تربية الأبناء من أهم مهام الوالدين، تلك المهمة المتسمة بالصعوبة الشديدة لما يحيط بالأبناء من عوامل قد تقف عائق بين الوالدين وبين التربية السليمة المرجوة، وفي بعض الأحيان قد تساهم تلك العوامل في التنشئة السليمة. وفيما يلي سوف نلقي الضوء على العوامل المؤثرة فيها سواء بالسلب أو بالإيجاب.

العوامل التي تؤثر على تربية الأبناء

تنقسم العوامل المؤثرة في تربية الأبناء إلى نوعين، النوع الأول هي العوامل الداخلية المتمثلة في الدين، الأسرة وطبيعة العلاقة الأسرية، أما النوع الثاني فهي العوامل الخارجية بما فيها من مؤسسات تعليمية، أصدقاء، دورعبادة، ثقافة مجتمعية، وضع سياسي للمجتمع وأخيرًا وسائل الإعلام المختلفة، وسنقوم الآن بتفصيل ما تم إيجازه من عوامل تربية الأبناء.

أولاً: العوامل الداخلية:

  • الدين: يساهم الدين وبشكل مباشر في تربية الأبناء، حيث أن تعدد الديانات في المجتمع الواحد يخلق أفراد مختلفين في الطباع والمفاهيم كل حسب ديانته.
  • الأسرة: تمثل الأسرة العامل الأساسي في بناء وتكوين شخصية الطفل، ويكون ذلك من خلال التفاعل الأسري بين الأفراد بالإضافة الى الإهتمام بالأطفال الذي يكون في علاقة عكسية مع حجم الأسرة، حيث أنه كلما قل عدد الأسرة زاد الإهتمام، والعكس صحيح بمعنى أنه كلما زاد عدد الأسرة قل الإهتمام.
  • طبيعة العلاقة الأسرية: تشكل طبيعة العلاقة الناشئة بين أفراد الأسرة الواحدة عامل في منتهى الأهمية، فالأسرة المتماسكة المتحابة تنتج أبناء أسوياء ناجحين في حياتهم العلمية والعملية، بعكس الأسرة المتفككة المليئة بالمشاحنات والخلافات، فينتج عنها أبناء يرثى لحالهم مما يؤثر وبشكل مباشر على تحصيلهم العلمي وعلى إندماجهم وسط المجتمع.

ثانياً: العوامل الخارجية:

  • المؤسسات التعليمية: متمثلة في الحضانة، المدرسة والجامعة، حيث تؤثر تلك المؤسسات في تكوين شخصية الأبناء من خلال التواجد في محيط شبه أسري مكون من مديرين ومدرسين وطلبة، فيؤثر هذا المحيط في فكر الطفل وسلوكه من خلال الإختلاط بمن حوله.
  • الأصدقاء: والإختلاط بالأصدقاء هو سلاح ذو حدين، فقد يكون هذا الإختلاط مفيد للطفل في حال إختلاطه بالأصدقاء الجيدين المتشابهين معه في طريقة التربية والتفكير مما يؤدي الى المساهمة بشكل فعال في التربية، أما في حالة الإختلاط بأصدقاء السوء فإن الطفل يسقط الى الهاوية إن لم يلحقه والديه.
  • دور العبادة: متمثلة في المساجد والكنائس وغيرها، حيث تساهم في تربية الأبناء من خلال غرس الإيمان والفضيلة في قلوب الأطفال من خلال القائمين على هذه الأماكن كالشيوخ في المساجد والقساوسة في الكنائس.
  • الثقافة المجتمعية: ويكون ذلك من خلال توجهات المجتمع وثقافته التي تشكل ثقافة وشخصية الطفل القومية.
  • وضع المجتمع السياسي والاقتصادي: فكلما كان المجتمع هادئًا وحالته الإقتصادية مستقرة أدى ذلك الى التنشئة الإيجابية السليمة لأفراده، وكلما كان المجتمع تجتاحه الفوضى أسهم ذلك في التنشئة السلبية والضارة للأفراد.
  • الإعلام ووسائله المختلفة: تعد وسائل الإعلام من أكثر العوامل الخارجية المؤثرة في تربية الأبناء، حيث تؤثر سلبيًا من خلال نقل الثقافات المختلفة عن مجتمعنا، والتي تسهم في تغيير عاداتنا وتقاليدنا التي نشأنا عليها، وبالأخص شاشات التلفزيون فينبغي على الوالدين توخي الحذر الشديد عند مشاهدة الأبناء له، وإنتقاء المناسب للمشاهدة من غيره عديم الفائدة والمؤثر سلبيًا في تربيتهم.

وبعد أن تناولنا العوامل المؤثرة إيجابيًا وسلبيًا في تربية الأطفال، سنلقي الضوء على أساليب التربية المختلفة التي يقوم بها الوالدان.

أساليب تربية الأبناء

تسعى كل أسرة الى تربية أبنائها التربية السليمة، تلك التربية التي تخلق أفراد صالحين متصالحين مع أنفسهم ومع غيرهم، وحتى تتحقق تلك النتيجة ينبغي أن يكون للقائم على التربية أهداف واقعية غير متسمة بالخيال ومناسبة لكل مرحلة من مراحل التطور والنمو للأبناء، ويكون ذلك من خلال غرس خصال الخير فيهم والتوجيه لبناء الشخصية من الناحية الجسدية والنفسية والفكرية والروحية.

ومن الصعوبات التي يواجهها الوالدان في تربية أبنائهم تدخل الأهل في التربية، مما يؤدي الى تشتت الطفل فيما بينهم، ولتلاشي تلك الصعوبة ينبغي أن يكون المربيان على دراية تامة بأساليب التربية السليمة وما قد يواجههم من عوائق في سبيل تحقيق ذلك الهدف السامي، وكيفية التغلب على تلك العوائق والصعوبات.

وتتبع كل أسرة أسلوب خاص بها في تربية الأبناء، فمنهم من تتبع أسلوب التسلط في التربية، ومن تعتمد في تربيتها على الأسلوب المتساهل، وأخيرًا من يرون أن الأسلوب القائم على الثقة بينهم هو أنسب طريقة في التربية السليمة، وفيما يلي سنقوم بشرح كل أسلوب من تلك الأساليب على حدى.

  • أولاً: أسلوب التسلط في التربية وتأثيره على الأطفال: هذا الأسلوب معتمد من قديم الأزل، وهو قائم على سيطرة الوالدين على شخصية طفلهم، مع فرض قيود وقواعد وأوامر غير قابلة للنقاش، مع المبالغة في التشدد بحجة ضبط سلوك الأبناء، ويؤدي تتبع هذا الأسلوب في تربية الأبناء إلى فقد ثقة الطفل بنفسه وإعتماده على والديه في إتخاذ كافة قرارته والخوف من الخطو أي خطوة دون مشورة والديه، كما يتسبب ذلك الأسلوب أيضًا في خلق فجوة كبيرة بين الآباء والأبناء، تلك الفجوة التي قد لا تظهر إلا عند تقدم الأبناء في عمرهم، فيتمسكون وقتها بإستقلاليتهم ورغبتهم في التحرر من تسلط والديهم، وتعويض ما فاتهم من حرية مسلوبة من ذويهم.
  • ثانياً: الأسلوب المتساهل في التربية: حيث يقوم هذا الأسلوب على سهولة التعامل مع الأبناء دون فرض أي قيود أو ضوابط على التربية، فيعطون الأبناء حريتهم دون أي ملاحظة أو إرشاد، مما ينتج عنه إبن عنيد ومتمرد في طفولته، مستهتر ومندفع وغير خاضع لأي قانون أو قاعدة في مرحلة مراهقته.
  • ثالثاً: الأسلوب القائم على الثقة المتبادلة بين الأطراف: وهذا هو أسلوب المتوسط، المعتمد على التربية دون إفراط أو تفريط، فيأخذ في طياته أفضل ما في الأسلوب المتسلط والأسلوب المتساهل ويترك سلبياتهما، فيركز على نضوج الطفل وتطوير قدراته، فيؤدي ذلك بدوره الى إستقلال الطفل وزيادة ثقته بنفسه وإعتماده عليها، وكل ذلك في إطار الضوابط والقواعد التي سنتها الأسرة.

إقرأ أيضاً: 11 نصيحة للتعامل مع الأبناء في عمر المراهقة

أساليب تربية أخرى:

  • التربية بالملاحظة: ويقصد بها ملازمة الطفل ومراقبته في تكوينه العقيدي والأخلاقي، وملاحظته في تكوينه النفسي والإجتماعي دون إخلال بحقه في الإعتماد على نفسه ومراقبتها.
  • التربية من خلال العادة: ويكون ذلك من خلال غرس العادات السليمة في الطفل من خلال تكرارها فتصبح راسخة في نفسه.
  • إستخدام الإشارة في التربية: ونستخدم تلك التربية في حالة تصرف الطفل تصرف خاطئ في مكان عام فيقوم المربي بالإشارة له لتنبيهه عن سوء تصرفه، فيؤدي ذلك الى تراجع الطفل عن تصرفه الخاطئ، لأن التوبيخ أمام العامة كفيل بجعل الطفل عنيد وغير طائع لوالديه.
  • الحرص على تحقيق السكينة النفسية والإجتماعية للطفل: فقد أكدت الدارسات أن الشخص الإنطوائي الرافض لتبادل المحبة مع غيره قد عانى من الحرمان العاطفي في طفولته، ولتجنب ذلك يجب وضع الطفل منذ ولادته في موضع حب وعناية من حوله.

إقرأ أيضاً: 10 نصائح لتحسين سلوك طفلك بدون ضرب

وفي الختام نتمنى أن يهتم كل مربي بما يغرسه في أبنائه، وأن يتبع الأساليب السليمة في تربية الأبناء مع اللجوء للمتخصصين إن لزم الأمر، فالتربية في الصغر كالنقش على الحجر.

شـاهد أيضاً..

أخطاء تربوية فادحة .. إحذر من إتباعها!