الحياة بأكملها تعتمد على القرار، ففي كل خطوة نبني قرارًا ونصنعه ونتخذه أو نلغيه تمامًا؛ فحتى إلغاء القرار قرار، فإذا كانت أبسط الأمور تحتاج إلى ضرورة ملحة في حزم الأمور وإتخاذ قرار للمضي قدمًا بها أو حتى التراجع عنها؛ فما بالك بشأن المنشآت والمنظمات؟! ونظرًا للأهمية الكبيرة التي تتمتع بها القرارات حرص الإقتصاديون على الإتيان بما يعرف بإسم نظرية القرار، وهي نظرية يمكن إعتبارها إقتصادية تارةً وتقنية في حال إرتباطها مع نظم دعم القرار، وفي هذا المقال سنتعرف على نظرية القرار، إتخاذ القرار وأدق تفاصيلهما.

نظرية القرار

Decision theory، تعتبر نظرية القرار بمثابة إحدى النظريات الإقتصادية التي تم إستخدامها منذ القدم في الشركات الإقتصادية لغايات تقييم الخيارات والبدائل المتاحة إستعدادًا لإتخاذ القرار الأمثل، كما يمكن الإشارة إليها على أنها نظرية رياضية نظرًا لإستخدام دلالات رياضية، ومنها الدوال المنفعية وغيرها الكثير، وتمتاز نظرية القرار بأنها تقترن بأكثر من مجال، وتقترن أيضًا مع نظرية سلوك المستهلك، وتُمارس فيها عمليتين رئيسيتيّن وهما صنع القرار وإتخاذ القرار، ولا شك أن المرحلة الأولى تأتي في صنع القرار، ثم الإنتقال لإتخاذه من بين مجموعة من القرارات المتاحة.

تعريف إتخاذ القرار

Decision Taking، هي عملية إعتماد الخيار الأمثل والأنسب والأفضل من بين مجموعة من الخيارات المتوفرة أمام متخذ القرار، وتهدف هذه العملية إلى التوصل إلى الإستقرار على خيار نهائي لإتخاذ الإجراء المناسب وفقًا للقيم والتفضيلات والمعتقدات من قِبل صانع القرار، كما يمكن وصف هذه العملية بأنها إختيار نشاط لإيجاد حل جذري للمشكلات بحيث يتصف بالمثالية وتحقيق الرضا قدر الإمكان، وبناءً عليه فمن الممكن أن تتصف عملية إتخاذ القرار بالعقلانية أو أقل عقلانية أو أحيانًا إنعدام العقلانية من القرار المُتخذ تمامًا، ويجب أن يرتكز بالدرجة الأولى على المعرفة والمعتقدات الصريحة أو الضمنية، ويلجأ مُتخذ القرار عادةً إلى القيام بتحليل البدائل الموضوعة وفقًا لمعايير التقييم، ولا بد من الإشارةِ إلى أن إختيار القرار المنطقي يعد واحدًا من أهم أجزاء المهن القائمة على العلم، وبناءً عليه فقد ظهرت نظم دعم القرار المعتمدة على صنع القرار وإتخاذه.

أهمية إتخاذ القرار

من المتعارف عليه أن القرار النهائي أهم ما يكون في حياة المنشأت والمنظمات، إذ يُعتمد عليه في حل المشاكل بشكلٍ جذري والتصدي لها، وتكمن أهمية اتخاذ القرار فيما يلي:

  • الركيزة الأساسية في إنجاز أنشطة المنظمة وممارستها لتحديد مستقبلها.
  • الوسيلة الأساسية في رسم مستقبل المنظمة وتأثيره.
  • يعتبر إتخاذ القرار جوهر العملية الإدارية، حيث تعتمد عليه كل من التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة.
  • الأداء الأول والأهم في تسيير وظائف المنظمة وإدارتها والتحكم بها.
  • المحرك الرئيسي للقيادة والوسيلة الأولى في تطبيق صلاحياتها على أرض الواقع.
  • التداخل في مختلف المستويات الإدارية وإثبات وجودها فيها بحكم دورها في التحفيز والتوجيه على أداء الأنشطة.
  • بلورة توجهات المؤسسة ورؤيتها المستقبلية للأمور.
  • تقوية نقاط الضعف والتركيز على نقاط القوة وتنميتها.
  • عملية مستمرة لا تتوقف إلا في حال توقف نشاط المنشأة ككل.

اقرأ أيضًا: الفرق بين صناعة القرار وإتخاذ القرار

مراحل عملية إتخاذ القرار

-تحديد المشكلة وتشخيصها:

تعتبر مسألة التعرف على ماهية المشكلة التي تواجهها المنشأة من أكثر الأمور أهمية الواجب إدراكها من قبل المدير، لذلك يجب تحديد طبيعتها ودرجة خطورتها وأهميتها؛ وذلك لغايات معرفة الكيفية التي سيتم التعامل بها معها، ولا بد من الإشارة إلى وجوب عدم الخلط بين الأعراض والأسباب، ورصد الوقت الواجب إتخاذ القرارات المناسبة فيه لحل المشكلة.

-جمع البيانات ذات العلاقة بالمشكلة:

بعد الإنتهاء من التعرف على أبعاد المشكلة تأتي مرحلة إستقطاب المعلومات وجمعها من مصادرها، ويستلزم الأمر وجوبًا أن تكون ذات علاقة وثيقة بالمشكلة لتكون أكثر دقة وملائمة ومحايدة، ومن ثم الانتقال إلى خطوة إقتراح الخيارات ورصد أفضل الطرق للحصول على المعلومات حول كل خيار، وتحليل هذه المعلومات.

-تحديد البدائل المتاحة وتقويمها:

يعتمد حال الحلول البديلة المتوفرة ووضعها على طبيعة السياسات والفلسفات الخاصة بالمنظمة، وإمكانياتها المادية، والفترة الزمنية المتاحة للتروي بإختيار البديل الأنسب وغيرها الكثير من البدائل، وبناءً على هذه الأبعاد يقوم المدير أو الشخص المخول في إتخاذ القرار بترتيب الخيارات من الأفضل للأسوأ، والإستغناء عن الأسوأ للوصول إلى أقل عدد ممكن لتسهيل عملية الإختيار.

-إختيار البديل الأنسب:

بعد التخلص من مسألة المفاضلة بين البدائل المتوفره، والتحقق أن هناك بديل أفضل بينها تبعًا للمعايير والاعتبارات الموضوعية التي ينتهجها المدير خلال عملية الإختيار، يتم أخيرًا الإستقرار على قرار نهائي للبدء بتطبيقه.

-مراقبة تنفيذ القرار المتخذ وتقويمه:

تأتي هذه المرحلة لغايات الإعلان عن إختيار قرار نهائي لحل المشكلة التي وقفت عائقًا في وجه المشكلة أو ظرف ما، وفي حال البدء بتطبيق هذا القرار؛ تبدأ النتائج الأولية بالظهور أولًا بأول، ومن هنا يبدأ دور المدير في المتابعة والتقييم وتصحيح الأخطاء في حال وجودها.

حالات إتخاذ القرار

* القرار تحت مبدأ الأمان:

ويكون متخذ القرار في هذه الحالة واثقًا من أن قراره صائبًا وسيقود المنظمة إلى الأفضل مستقبلًا.

* القرار تحت مبدأ عدم الأمان:

يعتمد على مجموعة من القواعد الرياضية لغايات التوصل إلى القرار النهائي وفقًا لقواعد القرار التقليدية، وهي نوعان:

  1. القرار تحت مبدأ المخاطرة، تعتمد على نظرية القيمة المتوقعة، قواعد اتخاذ القرار الحديثة.
  2. القرار تحت مبدأ عدم اليقين، ويكون اخيتار القرار غير مبني على أي معلومات قد تحدث تغييرًا في طبيعة المنشأة مستقبلًا أو النتائج المترتبة على ذلك على الأقل.

إقرأ: نظم دعم القرار ودورها في صناعة القرار وإتخاذه

تقنيات عملية إتخاذ القرار

تنشطر تقنيات إتخاذ القرارات إلى شطرين رئيسييّن، وهما:

  • تقنيات صنع القرارات الجماعية وإتخاذها.
  • تقنيات إتخاذ القرارات الفردية.

خصائص عملية إتخاذ القرار

  • عملية ذهنية، إذ تتطلب جهد ذهني كبير يرتكز على ممارسة المنطق والتفكير المنهجي الصائب 100%.
  • عملية إجرائية، حيث تتطلب وجوب وجود العديد من الخطوات التفصيلية التي تسبق خطوة إختيار القرار الأمثل، كتحديد الأهداف والمشكلة والتعريف بها، ثم صنع القرار وأخيرًا إتخاذه.
  • وفرة العديد من البدائل والحلول بين يدي متخذ القرار، حيث يعتبر ذلك الأساس الأصعب على الإطلاق في العملية، إذ يصعب الجزم بأن هناك حل واحد فقط لمشكلة ما؛ بل لا بد من توفر مجموعة من الخيارات والقرارات ومن ثم إختيار الأفضل والأنسب بينها.
  • إختيار البديل الأنسب وفقًا للأسس والمعايير التي تفضي في النهاية إلى الوصول إلى الخيار الأنسب.
  • الإقتران مع مستقبل المنشأة، حيث يعتبر إختيار البديل الأنسب أمر حالي وتنفيذه وإنتظار نتائجه المتوقع حدوثها مستقبلًا.

شاهد أيضاً..

الأخطاء الشائعة في صنع القرار

مراحل نظم دعم القرار، وأهم معوقاتها